هذا (نوفمبرُ).. قمْ وحيّ المِدفعا | واذكرْ جهادَكَ.. والسنينَ الأربعا! |
واقرأْ كتابَكَ، للأنام مُفصَّلاً | تقرأْ به الدنيا الحديثَ الأَروعا! |
واصدعْ بثورتكَ الزمانَ وأهلَهُ | واقرعْ بدولتك الورى، و(المجمعا)! |
واعقدْ لحقِّك، في الملاحم ندوةً | يقف الزمان بها خطيباً مِصْقَعا! |
وقُلِ: الجزائرُ..!!! واصغِ إنْ ذُكِرَ اسمُها | تجد الجبابرَ.. ساجدينَ ورُكَّعا! |
إن الجزائرَ في الوجود رسالةٌ | الشعبُ حرّرها.. وربُّك َوَقّعا! |
إن الجزائرَ قطعةٌ قدسيّةٌ | في الكون.. لحّنها الرصاصُ ووقّعا! |
وقصيدةٌ أزليّة، أبياتُها | حمراءُ.. كان لها (نفمبرُ) مطلعا! |
نَظمتْ قوافيها الجماجمُ في الوغى | وسقى النجيعُ رويَّها.. فتدفَّعا |
غنَّى بها حرُّ الضّمير، فأيقظتْ | شعباً إلى التحرير شمّر مُسرِعا |
سمعَ الأصمُّ دويَّها، فعنا لها | ورأى بها الأعمى الطريقَ الأنصعا |
ودرى الأُلى، جَهلوا الجزائرَ، أنها | قالتْ: «أُريد»!! فصمَّمتْ أن تلمعا |
ودرى الأُلى جحَدوا الجزائرَ، أنها | ثارتْ.. وحكّمتِ الدِّما.. والمِدْفعا! |
شقّتْ طريقَ مصيرها بسلاحها | وأبتْ بغير المنتهى أن تَقنعا |
شعبٌ.. دعاه إلى الخلاص بُناتُهُ | فانصبَّ مُذْ سمع النِدا، وتطوَّعا |
نادى به «جبريلُ» في سوقِ الفِدا | فشرى، وباع بنقدها، وتبرَّعا! |
فلكم تصارع والزمانَ.. فلم يجدْ | فيه الزمانُ - وقد توحَّد - مطمعا! |
واستقبل الأحداثَ.. منها ساخراً | كالشامخات.. تمنُّعاً.. وترفُّعا.. |
وأرادهُ المستعمرون، عناصراً | فأبى - مع التاريخ - أن يتصدّعا! |
واستضعفوه.. فقرّروا إذلالهُ | فأبتْ كرامتُهُ له أن يخضعا |
واستدرجوه.. فدبّروا إدماجَهُ | فأبتْ عروبتُه له أن يُبلَعا! |
وعن العقيدة.. زوّروا تحريفَهُ | فأبى مع الإيمان.. أن يتزعزعا! |
وتعمّدوا قطعَ الطريق.. فلم تُرِدْ | أسبابُه بالعُرْب أن تَتقطَّعا! |
نسبٌ بدنيا العُرب.. زكَّى غرسَهُ | ألمٌ.. فأورق دوحُه وتفرَّعا |
سببٌ، بأوتار القلوب.. عروقُهُ | إن رنّ هذا.. رنّ ذاكَ ورجَّعا! |
إمّا تنهَّد بالجزائر مُوجَعٌ.. | آسى «الشآمُ» جراحَه، وتوجَّعا! |
واهتزَّ في أرض «الكِنانة» خافقٌ.. | وأَقضَّ في أرض «العراق» المضجعا! |
وارتجَّ في الخضراء شعبٌ ماجدٌ | لم تُثنِه أرزاؤه أن يَفزعا |
وهوتْ «مُراكشُ» حولَه وتألمّتْ | «لبنانُ»، واستعدى جديسَ وتُبَّعا |
تلك العروبةُ.. إن تَثُرْ أعصابُها | وهن الزمانُ حيالَها، وتضعضعا! |
الضادُ.. في الأجيال.. خلَّد مجدَها | والجرحُ وحَّد في هواها المنزعا |
فتماسكتْ بالشرق وحدةُ أمّةٍ | عربيّةٍ، وجدتْ بمصرَ المرتعا |
ولَـمِصرُ.. دارٌ للعروبة حُرّةٌ | تأوي الكرامَ.. وتُسند المتطلِّعا |
سحرتْ روائعُها المدائنَ عندما | ألقى عصاه بها «الكليمُ».. فروّعا |
وتحدّث الهرمُ الرهيب مباهياً | بجلالها الدنيا.. فأنطق «يُوشَعا» |
واللهُ سطَّر لوحَها بيمينهِ | وبنهرها.. سكبَ الجمالَ فأبدعا |
النيلُ فتّحَ للصديق ذراعَهُ | والشعبُ فتَّحَ للشقيق الأضلعا! |
والجيشُ طهَّر بالقتال (قنالَها) | واللهُ أعمل في حَشاها المبضعا! |
والطورُ.. أبكى مَن تَعوّدَ أن يُرى | في (حائط المبكى) يُسيل الأدمعا |
(والسدُّ) سدّ على اللئام منافذاً | وأزاح عن وجه الذئاب البُرقعا! |
و تعلّم ( التاميزُ ) عن أبنائها | و ( السينُ ) درساً في السياسة مُقنعا |
و تعلّم المستعمرون ، حقيقة ً | تبقى لمن جهل العروبة مرجعا |
دنيا العروبة ، لا تُرجَّح جانباً | في الكتلتين .. و تُفضَّل موضعا ! |
للشرقِ ، في هذا الوجود ، رسالةُ | علياءُ .. صدّقَ وحيَها .. فتجمّعا ! |
يا مصرُ .. يا أختَ الجزائر في الهوى | لكِ في الجزائر حرمةٌ لن تُقطَعا |
هذي خواطرُ شاعرٍ .. غنّى بها | في ( الثورة الكبرى ) فقال .. و أسمعا |
و تشوّقاتٌ .. من حبيسٍ ، مُوثَقٍ | ما انفكّ صبّاً بالكنِانَة ، مُولَعا |
خلصتْ قصائدُه .. فما عرف البُكا | يوماً .. و لا ندب الحِمى و المربعا |
إن تدعُه الأوطانُ .. كان لسانَها | أو تدعه الجُلَّى .. أجاب و أَسْرعا |
سمع الذبيحَ ( 2 ) ( ببربروس ) فأيقظتْ | صلواتُه شعرَ الخلود .. فلعلعا! |
و رآه كبَّر للصلاة مُهَلَّلاً | في مذبح الشهدا .. فقام مُسَمَّعا ! |
ورأى القنابلَ كالصواعق.. إن هوتْ | تركتْ حصونَ ذوي المطامع بلقعا |
ورأى الجزائرَ بعد طول عنائها | سلكتْ بثورتها السبيل الأنفعا |
وطنٌ يعزّ على البقاء.. وما انقضى | رغمَ البلاء.. عن البِلى مُتمنِّعا! |
لم يرضَ يوماً بالوثاق، ولم يزلْ | متشامخاً.. مهما النَّكالُ تنوّعا |
هذي الجبالُ الشاهقات، شواهدٌ | سخرتْ بمن مسخ الحقائقَ وادّعى |
سلْ (جرجرا..) تُنبئكَ عن غضباتها | واستفتِ (شليا) لحظةً.. (وشلعلعا) |
واخشعْ (بوارَشنيسَ) إن ترابَها | ما انفكّ للجند (المعطَّر) مصرعا |
كسرتْ (تِلمسانُ) الضليعةُ ضلعَهُ | ووهى (بصبرةَ) صبرُهُ فتوزّعا |
ودعاه (مسعودٌ) فأدبر عندما | لاقاه (طارقُ) سافراً، ومُقنَّعا |
اللهُ فجّر خُلدَه، برمالنا | وأقام «عزرائيلَ».. يحمي المنبعا!! |
تلك الجزائرُ.. تصنع استقلالها | تَخذتْ له مهجَ الضحايا.. مصنعا |
طاشتْ بها الطرقاتُ.. فاختصرتْ لها | نهجَ المنايا للسيادة مهيعا |
وامتصّها المتزعّمون!! فأصبحتْ | شِلْواً.. بأنياب الذئاب مُمَزَّعا |
وإذا السياسةُ لم تفوِّض أمرها | للنار.. كانت خدعةً وتصنُّعا!! |
إنِّي رأيتُ الكون يسجد خاشعاً | للحقّ.. والرشَّاش.. إن نطقا معا!!! |
خَبِّرْ فرنسا.. يا زمانُ.. بأننا | هيهات في استقلالنا أن نُخدعا! |
واستفتِ يا «ديغولُ» شعبَكَ.. إنهُ | حُكْمُ الزمان.. فما عسى أن تصنعا؟ |
شعبُ الجزائر قال في استفتائهِ | لا.. لن أُبيح من الجزائر إصبعا |
واختار يومَ (الاقتراع) (نفمبراً)
| فمضى.. وصمّم أن يثورَ ويقرعا!! |