عندما تقدمت امرأة الصفوف والقت الخطبة على المصلين وأمتهم كذلك وانتظر ردودكم وارائكم
التقطت فاتنة مرآتها الصغيرة وأخذت تتأمل ملامح وجهها .. خطوط دقيقة عريضة أخذت تزحف تحت عينيها ..هالها ذلك .. وأعادت المرآة الى حقيبتها ..يبدوا ان العمر يجري والأيام تركض ركضا .. اخذت تقلب صفحات أيامها وهي في صالة انتظار عيادة التجميل .. وتوقفت عند أهم محطاتها يوم لقبت بسفيرة المرأة العربية ..وقدمت رسالتها الأولى في تحرير المرأة وحقوقها ومن هناك لمع اسمها وارتفع نجمها ..واستقبلتها الدنيا ببهجة .. وحصدت جوائز وألقاب كثيرة ... ما زالت ولا زالت تصرخ وتنادي بحقوق المرأة وحريتها ومساواتها بالرجل والخروج الى العمل ..تململت في جلستها وهي تقلب صفحة اخرى من صفحات حياتها الحافلة ..التي تجدها مملة لا شيء جديد فيها .. هي زوجة لرجل ثري ..هل تحبه ..؟! لا ..هل يحبها ؟! لا ..كل يعيش حياته ..هو له حياته وعمله ونزواته وطبعا كلما ظهر امام عدسات الكاميرا عبر عن سعادته بها واعلن عن فخره بها لانها قدمت له كل شيء ودفعته للأمام..ووو.. وهي لا تذكر انها فعلت ذلك على أي حال انها حتى لا تراه الا نادرا ولا يكون ذلك الا من باب الصدفة.. لها طفلان انتقت لهما أفضل المستخدمات الاجنبيات ليقمن بشؤونهما وتربيتهما تربية حديثة !!.. أغمضت عينيها ..هل هي سعيدة ..لأ.. لم تكن يوما من الأيام كذلك لا مع نفسها أو زوجها أو حتى طفليها لأنهما يعاملانها كضابط برتبة عالية ..كلما التقت بهما رفعا يديهما بالتحية ثم اختفيا وراء الاستار أواختبأ في احضان العاملات..
قطع أفكارها رؤية امرأة تغادر حجرة الطبيب ..انها تعرفها ..هذه عفاف ..نادت: عفاف !.. التفتت المرأة واقتربت وتبادلتا عبارات الترحيب والبهجة
عفاف: لا اصدق لقاء بعد خمس عشرة سنة صحيح انني اراك على شاشات التلفزة واوراق الصحف لكن تبدين اكبر قليلا بعيدا عن العدسة ...
فاتنة(بضيق وعصبية) انا بخير لكن اراك لم تتغيري فما زلت جميلة صغيرة الملامح ما هي أخبارك؟
عفاف: أنا بخير تعرفين اني تزوجت بعد تخرجنا ولدي الآن اربعة من الأبناء أكبرهم في الثالثة عشرة من عمره وأنا سعيدة ولله الحمد
فاتنة: الا تعملين ؟؟!! لاتقولي ان زوجك منعك ..أستطيع أ
عفاف (مقاطعة) لا استطيع ان اطيل الحديث معك لكن زوجي الغالي تركني أعمل ولطالما استمعت اليك فصممت على العمل ولم يمانع زوجي ..كنت اعمل ظنا مني بأني سوف احقق ذاتي واكون شخصية مستقلة لكني تعبت ..فقدمت لإجازة استثنائية ولا يمكن ان تتخيلي كم انا سعيدة .. لقد شعرت بالفرق .. شعرت اني ملكة .. شعرت بذاتي الحقيقية .. زوجي اصبح اكثر حنانا ومودة وهدوءا من السابق ..اجد الفرحة تتجلى في عيون اطفالي عندما استقبلهم أمام الباب عند عودتهم ..اصبحت الصديقة المقربة لكل فرد من افراد مملكتي الصغيرة
فاتنة: لا تنخدعي ياعزيزتي هل استنتج من ذلك انك ستتركين العمل ؟ أي حمقاء أنت؟
عفاف ( وهي تصلح من هندامها على عجل ) كلا بالطبع فانا الان بحاجة الى العمل ليس لأثبت ذاتي بل من اجل مستقبل ابنائي وحالما تستقر اموري وزوجي سأترك العمل فلن اضحي بالسعادة التي حققتها معهم على حساب اطروحات غير ناجحة واقعيا ..اعذريني عزيزتي ..سأغادر لكن فكري في الأمر جيدا ..فلم يفت الوققت بعد ... وداعا
تأملتها فاتنة وهي تسير بخطى سريعة الى الخارج .. وكلماتها تعتصر قلبها ( السعادة.. فرحة ..حنان .. ..صداقة... هدوء.. مودة) ... صدى هذه المفردات كانت كطعنات في الصميم لانها مفردات ليس لها معنى في حياتها ..هي من قتلتها ودفنتها بكلتا يديها
شعرت لحظتها أنها مقيدة .. تكاد تختنق .. رغم اتساع المكان ... انها الآن تحصد ثمن الحرية المزعومة التي نادت اليها .. شعرت بالمرارة والحنق وهي تسترجع الشهرة .. زوجها ... طفليها .. الناس الذين التفوا حولها ليس حبا فيها انما هي مصالح مشتركة ليس الا .. هل تستطيع ان تتخلى عن ذلك كله ؟..هل تستطيع؟ ..هل تس
قطع أفكارها صوت أمراة اقتربت منها ومدت يدها مصافحة .. سيدتي انا كاتبة في صحيفة (..) من حسن حظي ان اراك وانتهز الفرصة لأسألك .. ما رأيك بالمرأة التي خرجت تؤم الرجال والنساء في الصلاة .. وتلقي خطبة الجمعة؟؟؟
تنهدت في عمق واعتدلت في جلستها وأصلحت هندامها وقالت دون شعور : هذا حق من حقوقها فالمرأة لها ماللرجل وسوف تنجح في هذا المجال كغيرها من المجالا ت السابقة وووووو..
و..قلبها يحتضر وينهار في أعماقها وقد تلقى ضربة قد تكون القاضية!!
منقووووووووول