اسمها فاتنة وهي كاسمها جريئة ومتحررة مثقفة في كل شيء إلا في الدين عندها أن تكون ذات قلب طيب ولا
عليها بعد ذلك تخالط من تشاء تلبس ما تشاء وتفعل ما تشاء جمعت ليلة صويحباتها للاحتفال بعيد ميلادها . عيد
ما انزل الله به من سلطان ورثناه عن الكفار تشبهاً وتقليداً ومن تشبه بقوم حشر معهم والعياذ بالله كانت في أجمل
هيئة وأحسن مظهر بدأت تدور بين صديقاتها وتطلق الضحكات هنا وهناك وتسألهن أتدرين يا بنات ماذا ينقص
حفلتنا هذه فأجبنها إجابات وهي تقول لا ثم لا وهي مصرة على كسؤالها ثم قالت ثم قالت وهي تجيب على
سؤالها بنفسها وتضحك تنقصنا الشيخة علياء تنقصنا الشيخة علياء فانطلقت موجات الضحك من كل مكان فانطلقت
موجات الضحك من كل مكان والاستهزاء من كل مكان ثم قالت أحداهن مدافعة لماذا كل هذا الضحك لماذا كل هذا
الضحك والاستهزاء على علياء أليست زميلتنا أليست زميلتنا في الصف أليست صديقتنا الم تكن إلى عهد قريب
رفيقتنا في سهراتنا وحفلاتنا وغفلتنا وهي ألان في محرابها مع صلواتها وقرانها أنها تبحث عن الآخرة ونحن
عن ماذا نبحث فتجاهلنا سؤالها قالت أخرى لقد ذهبنا إليها أي إلى علياء لندعوها إلى عيد الميلاد ولكنها
اعتذرت وأعطتنا محاضرة طويلة أعطتنا محاضرة طويلة عريضة في الأخلاق والدين والعادات والتقاليد و التقاليد
الاجتماعية قالت فاتنة مسكينة علياء لقد كانت عاقلة متحررة قبل أن يصيبها هذا الهوس الديني الذي اختطفها
من بيننا قلت أنا سبحان الله أصبح الدين هوسا وجنونا ثم تابعت فاتنة حديثها وهي تقول فعلا مسكينة علياء لقد
انقلبت بسرعة وتسممت أفكارها وتغيرت هيئتها لقد أطالت ثيابها فأصبح منظرها ككبيرات السن والفلاحات لم
تعد تؤمن بان خير اللباس ما قل ودل لم تعد تؤمن أن خير اللباس ما قل ودل والأدهى من ذلك شعرها أصبح
بضاعة محرمة مغطاة تحت ذلك السواد مسكينة علياء نسيت أن الله يهمه منا القلب وكل ما عدا ذلك شكليات الله
اكبر أصبح الحجاب والتمسك بالدين شكليات قاتل الله الشاشات و القنوات ثم تابعت فاتنة حديثها عن علياء أنها
تخوفنا من النار وان الله سيحرق به أجسادنا المكشوفة أنها تنذرنا من شيء اسمه الموت ومن شيء آخر تسميه
الحساب والحشر بل اسمعوا يا بنات أنها تحملنا مسؤولية إغواء الشباب و إغراء الرجال فقالت أحداهن لقد قتلتها
الهواجس والوساوس قتلتها الهواجس والوساوس ونسيت إن الرجال للنساء خلقنا ولهن خلقنا الرجال مسكينة
علياء أين ستجد فتى أحلامها أين ستجد السعادة والأنس لقد قتلت نفسها وهي في ريعان الشباب ولا بد أن نصنع
شيء لإنقاذها فارتفعت الأصوات لا بد من إنقاذها لا بد من إنقاذها قبل إن تقتل نفسها بطول العبادة ولزوم البيت
فلا أسواق ولا حفلات ما هذا الفهم الخاطئ للدين إن الحياة متعة وحرية أما الموت فمالنا وماله الآن نعم سنموت
عندما نشيخ ونهرم انه الأمد الطويل ومن أطال الأمد أساء العمل أنتها الاحتفال ودارت سنوات وتخرجت البنات
تخرجت فاتنة وتخرجت علياء وثبتت على طريق الاستقامة والالتزام ماذا حصل لفاتنة وماذا حدث لعلياء والأخريات
تعالوا أعطوني مسامعكم نتابع القصة من مكان أخر في إحدى المستشفيات في الدور الرابع في غرفة من الغرف
صوت أنين مريضة يملئ الغرفة أنها في تلك الغرفة منذ عدة أشهر ولقد إياس الأطباء من حالتها ولقد إياس
الأطباء من حالتها وأصبح صوت أنينها معتاد في المستشفى ولا احد يستطيع أن يفعل لها شيء لقد تعودت
الممرضات على سماع أنينها وشكواها إما الطبيبة المناوبة الجديدة في المستشفى فلم تستطع أن تتجاهل ذلك
الصوت وذلك الأنين فأخذت بعض العقاقير والمهدئات وولجت إلى تلك الغرفة فتحت الباب فإذا بامرأة على السرير
في سبه غيبوبة جست نبضها فإذا هو نبض ضعيف على وشك التوقف أصغت إلى تنفسها فكان التنفس مضطربا
خافتا فجلست في جانبها وأعطتها بعض المنعشات فأفاقت بعد قليل واستوت على سريرها أدارت المريضة
عينيها أدارت عينيها فيما حولها ثم ثبتت نظرها على وجه الطبيبة ثم أخذت تفرك عينيها بيديها الضعيفتين ثم زاد
اضطرابها ثم قالت للطبيبة بربك قولي لي بربك قولي لي من أنت قولي لي بالله العظيم من أنت فقالت الطبيبة أنا
أنا الطبيبة يا أماه قالت أنا الطبيبة يا أماه فقالت المريضة أنا لا أسألك عن مهنتك أنا أسألك عن أسمك أسألك
بالله العظيم ألست أنت علياء أسألك بالله العظيم ألست أنت علياء الطبيبة باستغراب بلا أنا علياء وفي لحظات إذا
بالمريضة تطوقها بذراعيها وتضمه إلى صدرها وتقبله وتجهش بالبكاء وزاد استغراب علياء وصعقت من عساها
تكون هذه المريضة وهل بها مس من الجنون كيف عرفتني وأنا لم أقابلها من قبل ولم يسبق لي علاجها بل هذه
أول ليلة لي في المستشفى كطبيبة مناوبة فرجعت علياء برأسها إلى الوراء وأخذت تنظر إلى المريضة مشدوهة
مصعوقة لا تدري ماذا تفعل ثم قالت للمريضة من أنت يا خالة من أنت يا خالة وكيف عرفتي أسمي وهل التقينا من
قبل فردت المريضة بصوت تخنقه العبرات نعم يا علياء لقد التقينا مرات ومرات إن أسمك وصورتك لم يفارقا خاطري
خاصة عندما أصابني المرض قبل ثلاث سنين آه يا علياء أنا التي أكلت لحمك واستهزأت بك أنا فاتنة أنا فاتنة
يا علياء ثم انفجرت بالبكاء والنحيب صدمت علياء ولم تستطع الكلام ثم قالت وهي لا تصدق ما سمعت أقسمت عليك
بالله أأنت فاتنة مستحيل فاتنة كانت كاسمها أصغر وأنضر فقالت فاتنة بصوت خافت متقطع نعم أنا التي كان
يقال لها ذات يوم فاتنة فأكبت عليها علياء تضمها إلى صدرها وتجهش بالبكاء المر الأليم فلما هدأ البكاء أخذت
فاتنة تروي قصة سبع سنين منذ أن افترقت قالت تخرجت من البكلوريا وحاولت إكمال الدراسة فلم استطع كنت
لاهية متمردة على كل شيء لم أكن اشك بالله لم أكن اشك بالله لكن كنت اعتقد انه كل ما لله عندي أن أكون طيبة
القلب وكفى تعرفت على كثير من شبان وفتيات تعرفت على كثير من شبان وفتيات ثم ارتبط برجل تعرفت عليه
في الوظيفة أحبني وأحببته لكننا كنا نعيش حياة غافلة بعيدة عن الله ثم بعد زواجنا بسنوات رزقنا الله بطفلة
صغيرة جميلة رائعة سميتها سوسن على أسم صاحبتي التي تعرفينها ثم بدأت أشكو من آلام في بطني فقال
الأطباء إنها قرحة فأخذت أتعالج من دون فائدة وأخذت آلامي تزيد وهمومي تزيد وأنا أهرب منها بمزيد من
الغفلة والضياع ثم تدهورت صحتي وجاء التشخيص الجديد ليقول بداية تورم خبيث في المعدة وهكذا استحالت
القرحة إلى سرطان ثم اخذ السرطان يستفحل ويزيد إلى أن أقعدني هنا أصارع الألم وانتظر الموت في أي لحظة لم
أرى أبنتي منذ أربعة أشهر عمرها الآن أربعة سنوات وزوجي لم يأتي لزيارتي منذ أسبوعين لقد تعب من التردد
علي لقد تعب من التردد علي كل يوم لعله ملني أو كرهني فلما سمعت علياء قصتها لم تتمالك نفسها وانخرطت في
بكاء شديد ثم تمالكت نفسها وقامت إلى فاتنة تضمها إلى صدرها وتواسيها وتخفف عنها لا تجزعي يا فاتنة لا
تجزعي يا فاتنة فقد عرفتك شجاعة قوية لا تقنطي من رحمة الله لا تستسلمي لليأس فقد يكتب الله لك الشفاء وقد
يكون هذا ابتلاء فاستسلمي إلى قضاء الله وقدره واصبري فالصبر جميل والله مع الصابرين هدأت فاتنا و أخذت
تقول عفوك يا رب عفوك يارب لم يبقى لي سواك فهل تقبلني رحماك يا الله ليته الابتلاء ليته لا انه الانتقام انه
الانتقام لأولئك الضحايا التي فتنتهم وأغويتهم انه الانتقام لأولئك الضحايا الذين فتنتهم وأغويتهم لكم تجاهلت كلام
أمي الحنون كم تجاهلت كلام الناصحين المحبين يا الله كم أغويت من شاب وأفسدت من فتاة ثم أخذت تردد وتقول
اقترب مني يا موت اقترب مني يا موت فلطالما خدعتني أوهامي لقد ظننت انك لا تأخذ إلا الكبار والشيوخ وتترك
الشباب لقد خدعتني نفسي وغرني طول أملي ثم أخذت تسال علياء أصحيح يا علياء أن القبر مظلم أصحيح يا
علياء أن القبر ضيق فتجيب نفسها نعم صحيح وعما قليل سأحمل إليه جسدا باردا هامدا هناك لن يموت معي أهل
ولا أحباب ولن يكون معي مال ولا ثياب لن يكون هناك زوج ولا أصحاب يا الله كيف سأفارق صغيرتي سوسن
أنا لا زلت صغيرة ولم اشبع من الحياة ثم أمسكت بخصلة من شعر هال ثم قالت أصحيح انك ستتساقط في القبر
شعرة شعرة ثم تلمست عينيها وقالت بكما أرى النور كم أسقطت بنظراتي من شاب أحقا سيأكلكما الدود
وينهشكما التراب أخذتها علياء بين ذراعيها وضمتها إلى صدرها وأخذت تقرا عليها القران وتدعوا لها بالشفاء
وأخذت تقول لها كفى يا فاتنة كفى يا فاتنة لا تقنطي من رحمة الله لا تقنطي من رحمة الله ولا تيأسي من شفاء
الله فقالت فاتنة أسألك بالله يا علياء أيغفر الله لي وقد فعلت ما فعلت فقالت علياء بصوت واثق وكيف لا يا فاتنة
أليس الله واسع المغفرة أليس الله تواب رحيم الم تسمعي قول الله قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا
تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم فقالت فاتنة بربك يا علياء لا تناديني بعد الآن
فاتنة ناديني ظالمة ناديني ظالمة نعم ظالمة لقد ظلمت نفسي ظلما كثيرا ثم وبقدرة عجيبة استوت فاتنة على
سريرها ورفعت يديها إلى السماء وهي ترتجف وهي ترتجف ضالعة وأخذت تدعوا الله برقة وخشوع اللهم اشهد
اللهم اشهد باني قد رجعت إليك وانبت إليك فهذه أنا طريحة على بابك اللهم إن كنت قد كتبت لي الشفاء وهذا ليس
صعبا عليك وقد اخفق الأطباء وعجز الحكماء فاشهد يا حكيم اشهد يا حكيم بأنني لن أعصيك أبدا اللهم وان كنت
قد قدرت علي الموت عاجلاً فاشهد باني لم ايئس من رحمتك ولن اقنط من مغفرتك طالما بقي في صدري نفس
يتردد يا رحمن يا رحمن الدنيا والآخرة يا الله ظلمت نفسي ظلما كبيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت انك أنت الغفور
الرحيم .